الثلاثاء، 3 يناير 2012

بمناسبة الزيارة رقم 1998 .. كانت سنة مش طبيعية عليَّا

الساعة 7 صباحاً يوم الإثنين، كان يوم شم النسيم فى مصر فى العام 98، وكنت لسه صغير أوى، تقريباً 12 سنة، معرفش حاجة، لازى ما الشيوخ الأيام دى بتقول حرام الخروج فى اليوم ده، ولا كان فى حد بياخد فى باله، الناس كلها كانت بتهتم بس بحاجة واحدة، ازاى تفرح، قبلها بليلة، الناس ماشية فى شوارع بلدنا فرحانة كأنه عيد فعلاً؛ بس الفرق هيحتفلوا بالبيض، عيد البيض عند المصريين.





صحيت وكأن النهاردة عيد فعلاً، وقمت غسلت ولبست، وصحيت المعلم اخويا طبعا، رفيق رحلة الكفاح الحياتية، وبدأنا نعد العدة نسلق البيض وناخد شرائح الفطير وقليلٌ من العسل، كنت أهبل أوى أيامها، خرجنا طبعاً، أنا واخويا ماسكين فى ايد بعض كل واحد حامل بيضه فى ايده، فى السبت، وللى ميعرفش السبت، كان بيتعمل لنا بألوان حلوة كده، طبعا مش ناس معارف بيعملوه، خرجنا فى طريقنا، طبعاً هنروح الأول نعدى على الست نبوية_ رحمة الله عليها_ زمان كانت لها بيت لوحدها فى الحارة اللى بتوصل بيتنا لبيت ستى أم أمى، وكانت علطول قاعدة على بابا البيت وهو تقريبا فى نفس مستوى الأرض،  يعنى كأنها قاعدة فى الشارع بس ظهرها لباب بيتها، كأن إمبارح اليوم ده، عديت سلمت عليها انا واخويا ودخلنا، طبعا كانت دى المواسم بتاعت الناس الغلابة دى، بتعمل شوية ألوان أى حاجة فى أى حاجة، وتديها والغريبة كانت بتعملهم للناس ببلاش، فاكر والله، الست نبوية دى كانت هى أجمل حاجة فى الشارع زمان، كنت زمان بصحى بدرى أوى بروح ........ وكنت بعد الفجر وأحيانا قبله، كل ما أعدى عليها ألاقيها صاحية، بتكنس الشارع، وترشه ميه، ياااه ذكريات الناس الطيبة دى، اللى كانت فعلاً مدية طعم للحياة، هل فعلاً الدنيا بتتغير بتغير الناس، بكل تأكيد، أنا فاكر ومن زمن مش بعيد وفى اشرعنا ومش هروح بعيه، هاخده كعينة تجربة مش أكتر وعلى طول الطريق اللى تقريبا طوله لا يتجاوز ال200 متر وميكملش، هو عبارة عن حارة واسعة شوية على جانبيها صفين الصفين كلهم بيوت، أدام بيتنا بالظبط وقديما، قبل ما نحول الباب، كانت تعيش الست حبيبة الله يرحمها يارب، صح هى كانت بتغلس علينا لما نلعب كورة ادام البيت، بس بصراحة كانت بنفسها، كل يوم تنضف وتكنس، وتخلينى احيانا املى لها جردل مية وترش الصبح بدرى، وتكنس وترش العصر، كان ادام بيتنا على طول الخط نضيف، مكنوس مرشوش، ومكنش فى حد يقدر يرمى ورقة وهى قاعدة فى الشارع. وعلى مسافة 30 متر بالضبط، كان فى بيتين متواجهين بيت عم محرم الله يرحمه وبيت عمى ابو تامر الله يرحمه، كانوا الاتنين بيتنافسوا على النظافة ادام البيت، مكنش حد فيهم بيخجل على انه يخرج عادى بالمقشة ويمسكها الصبح بدرى، ويكنس، ويرش مية، مفيش مسافات طويلة كلها امتار قليلة بين البيوت اللى بتنضف والبيوت اللى بتنفض، ومكنش حد بيلاقيها عيبة لو طول المسافة مترين تلاتة، ويكنس ادام بيت جاره، كانت فعلاً هى دى الإنسانية والمواطنة بجد، رغم إن كل البيوت مسلمين!؛ بس مين قال إن مفيش فتنة بين المسلمين وبعضهم، اللهم لو كانت الفتنة هى نار بتتولع فى الكنايس وبس. مفيش 20 متر وتلاقى حارة صغيرة جدا متفرعة من الحارة دى فيها 3 بيوت جمب بعض اتنين وفى الوش واخرها بيت، كان اللى بيقوم بالليلة عم جودة وده ربنا يديله الصحة لسه عايش لانه مش كبير اوى، وكان بردو نفس القصة بس كان بيعملها فى اى وقت من اليوم ممكن تلاقيه ساعة المغربية او الظهرية بيكنس وينضف ومفيش عنده اى مشاكل، وطبعا على الجهة المقابلة حارة طويلة شوية بس صغيرة وطولها جاى من انها بتفرع لشارع تانى وكانت على راس الحارة دى الحجة هنية رحمة الله عليها، كانت ست سكرة والله، ماتت من فترة قريبة جدا، وفعلا زعلت عليها رغم انى مكنتش ولا مرة تقريبا فى مواجهة وحديث صريح معها اللهم لو كنت مع امى وسلمت على وانا معاها، كانت الست دى بردو قايمة بالواجب على أكمل وجه والله، مفيش وانت مكمل لنهاية الحارة اللى بتوصل لبيت ستى 50 متر تقريبا، كان فى الست نبوية وادامها علطول مواجه لباب بيتها بيت تانى فيه واحدة ست وجوزها رحمة الله عليهم ماتوا من زمان اوى تقريبا قبل 98 كمان، بس بعدهم ومن ذريتهم جه ابنهم عزالدين رحمة الله عليه كان خير سلف لخير خلف، ومكنش مقصر، مفيش 3 متر بعدهم كان فى الست ام هاشم ربنا يرحمها بردو زى اللى حوليها، كلهم كانوا بنفس النظام تختلف توقيتاتهم وطرقهم بس فى النهاية كان الشارع كله نضيف، مكنتش تحس انك ماشى فى الشارع ممكن فى دوار فلاحين قديم ارض عادية بس نضيفة جدا، حتى الورقة الصغيرة مش موجودة، ومفيش 10 متر وبيت ستى،،،،،،،، شفت ازاى كانت البلد نضيفة وهكذا وهكذا فى كل الشوارع والحارات، المهم خرجت من عند الست نبوية ولونا البيض انا واخويا وخرجنا بئا عشان نتفسح، مكناش عارفين رايحين فين، المهم هنخرج لوحدنا، نعمل اى حاجة بئا مش مهم، فاكر اننا عدينا على ستى وسيدى رحمة الله عليه، وادونا كل واحد جنية تقريباً، كان الجنية حاجة حلوة مش وحشة على فكرة زى دلوئتى:)  اخدناه ومشينا شوية بنعدى من شارع لشارع، بنفكر هنروح فين، احنا فى قرية والغيطان كتير حولينا، وكمان اخو ستى وستى لها نصيب فيه عنده غيط كبير فى اول البلد، ... أخدتنا رجلينا لنهاية الشارع اللى فى أوله بيت ستى، وطبعاً مرينا على دكان بقالة، واشترينا لترى كوكاكولا، وفاكر يومها الرجل مكنش عاوز يدينا، بيقول الفارغ، فخد مننا 2 جنية آل يعنى على ما نرجع الفارغ، موضوع اننا قرية مكنش فى الوقت ده مخلى فى كانزات ولا زجاجات بلاستيك، فكنا مضطرين، المهم مشينا وقلنا هنروح اقرب مكان نهيس شوية ونلعب، صدفة غير طبيعية كأن القدر فى الوقت ده ابتسم وأرسل لنا واحد صاحبنا كنا فى نفس الشارع وعلطول مع بعض، قال رايحين فين متيجوا معايا، انا رايح المكان الفلانى وبالمناسبة ده مكان من ايام الحرب خلاء فيه 3 قواعد صاروخية 3 زى الاهرامات كده كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وطبعا مشينا معاه، وقلنا يلا.
وصلنا ومش فاكر بالظبط أيه اللى حصل لأن آخر ما فاكره، هو إننا قمنا نلعب ونجرى ورا بعض، اللى حصل هو إنى عملت حادثة غبية زى حظى كده، اللى أعرفه إما تموت أو تعيش مفيش حل وسط، لأ! أنا معرفش أيه حصل وقعت من مكان ما مرتفع، فأثره وصل لشهر تقريبا فى غيبوبة تامة، وبعدها حوالى 3 أو 4 شهور مش دارى بأى حاجة حوليا، ولا حاسس بحاجة، كأنى كنت ضيف على الدنيا، بجسمى موجود، بروحى وعقلى مفتكرش، لأن الفترة دى فى مخيلتى زى ضباب مكثف لزق فى زجاج مفيش أشياء واضحة، مجرد أشباح بتتحرك، مش عارف لا مين ده ولا مين ده، اللى فاكره كويس هو إننا مرجعناش الفارغ للرجل ولا أخدنا فلوسنا الـ2جنية، واللى فاكره كمان أوى إنها كانت آخر مرة أقف فيها مع واحدة ست من الزمن الجميل " الست نبوية " لأنها ماتت بعدها بسنوات قليلة جداً، ومظنش تصادمت بكلام معها بعدها كتير زى الأول، السبب فعلاً اللى مخلينى أقول إن 98 مكنتش طبيعية لأنها هى دى السنة الوحيدة، الفاصلة بين مرحلة دنيوية فعلاً، ومرحلة سابقة أشبه بالملائكية، حتى قبلها، كانت فى الفترة اللى قبلها معظم نهايات الناس اللى حكيت عنهم، كانت السنة بمثابة زيارة خاصة للموت، اللى اكتشفته فعلاً، إن الموت مبيوجعش، مفيهوش حاجة من اللى رجعت منه عشان تقرفنى وتطلع عينى، مكنش فيه اللى شايفه حالياً، أظن الموت الحقيقى هيبقى مريح أكترأو متعب أكتر!، لايهم، المهم أن أتخلص من سلة القمامة المسماة الدنيا، أو بمعنى أدق العيشة!.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

هذا ما كان منى، فاللهم اغفر لى ما أخطأت فيه