الأربعاء، 9 أبريل 2014

العقاب

الموقف غريب ، أعتقد لو مشهد لحظة واحدة من لحظات ما قبل إهلاك الأمم السابقة حاول حد معين مهما آتاه الله من بلاغة لن يصل لروعة وإبداع وتصوير المنفلوطى فى هذه السطور فى قصة بعنوان العقاب ويحكى عن مدينة ما فى ظروف غير مفهومة رماه الله فيها ليحضر مراسم محاكمة بعض الناس ولسوء حظ البشرية يومها لم يكن بين المُحاكَمين شخص ظلم ، ولم يكن بين المُحَاكِمين شخص عادل ؛ وتتوالى أحداث معرفته بقصص هؤلاء المظلومين ، ويصب لعناته على ذلك الشعب المصفق للظلمة والظالمين ، ويجلس أمام بحيرة دم المظلومين بعد تنفيذ حكم الإعدام فيهم ، منتظراً قضاء الله ليهبط ملك من السماء لينتقم لهؤلاء الراقدين تحت الثرى وينطق بتلك الحروف  ......


ليت شعرى ! ألا يوجد فى هذه الدنيا عادل ، ولا راحم ، فإن خلت منهما رقعة الأرض فهل خلت منهما ساحة السماء ؟

فهل تسقط السماء على الأرض بعد اليوم ، أم لا تزال تُنيرها بكواكبها ونجومها ، وتُمطرها غيثها ومُزنها ؟

ها هم أولاء الناس قد عادوا إلى ما كانوا عليه ، وها هى ذى الأرض قد مُلئت شروراً وفسادًا حتى لم يبق فيها بقعة طاهرة يستطيع أن يأوى إليها ملكٌ من أملاك السماء .

ها هم أولاء الأقوياء قد ازدادوا قوة والضعفاء قد ازدادوا ضعفاً ، وها هى ذى لحوم الفقراء تنحدر فى بطون الأغنياء انحداراً فلا الأولين بمُستمسكين ، ولا الآخرون بقانعين .

ها هم أولاء الفقراء يموتون جوعاً فلا يجدون من يُحسن إليهم ، والمنكوبون يموتون كمداً فلا يجدون من يُعينهم على همومهم وأحزانهم .

ها هم أولاء الأمراء قد خانوا عهد الله وخفروا دمائه ، فأغمدوا السيوف التى وضعها الله فى أيديهم لإقامة العدل والحق وتقلدوا سيوفاً غيرها ؛ لا هى إلى الشريعة ، ولا إلى الطبيعة ، ومشوا بها يفتحون لأنفسهم طريق شهواتهم ولذائذهم حتى ينالوا منها ما يريدون.

ها هم أولاء الناس جميعاً قد أصبحوا أعواناً للأمراء على شهواتهم والقضاة على ظلمهم ، وزعماء الأديان على لصوصيتهم ؛ فلتسقط علينا جميعاً نقمة الله ملوكاً ومملوكين ، ورؤساء ومرؤسين .

لتسقط العروش ولتُهدَم الأمصار ، والسهول والأعوار ، والنِّجاد والأغوار ، ولتغرق الأرض فى بحر من الدماء يهلك فيه الرجال والنساء ، والشيوخ والأطفال ، والأخيار والأشرار ،  والمجرمون والأبرياء ... وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

عاقبة اختلاط الحق بالباطل  والظلم وخيمة وليس على الله عزيز إن غاب عدله ، احنا بس اللى مش واخدين بالنا إن الله يُمهل ولا يُهمل ، ولأن لسه فى شوية عدل فى قلوب شوية ناس غلابة ربنا مدينا فرصة تانية يمكن ~~~~ 

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

اليمن اتقسمت وانا بشرب شاى

ساعة العصارى دى مينفعش معاها غير استرخاء وبس من أجمل ساعات اليوم ، ساعة من ضمن سويعات التجليات الفلسفية للكون ، ازاى تقدر تتفاعل يومياً مع نفس المسلسل بنفس الأحداث ونفس النهاية _مشهد الغروب_ وانت مستمتع رغم جمال صورة النهاية وصدقها القاتل إلا إنك واثق من كذبها ساعات بسيطة وهترجع من البداية وساعات بعدها هنرجع نشوف نفس النهاية فى جمال بالشكل ده !! ،،  خدت كرسى وقعدت فى ضل السما  ومسكت فى ايدى كتاب اشتريته من فترة قريبة رغم انى قريته قبل كده بس فى حاجات لازم تمسكها فى ايديك مش بس تبص عليها من بعيد ؛ القراءة لا تكفى أحياناً ، والكلام ده بينطبق على الحب والكتب وأشياء أخرى تُعد على أصابع اليد الواحدة  ........  ممكن تغمض عينيك وتحاول تشوف زى أيه مثلا!! 

من عادتى بحب اقرا جدا عن الإنسان فى حد ذاته كفكرة وكل ما يتعلق بها حتى الأفلام أحب اشوف الأفلام اللى جوهرها الإنسان نفسه مش أفكار نظرية أو أحداث أياً كانت ،  الإنسان بالنسبة لى غاية وهدف ووسيلة صعب أٌقدر أوصف مدى تعقد الموقف بينى وبين الكائن الناطق على وجه الأرض من كل النواحى هى علاقة صعب تتوصف زىيعنى نقدر نقول مثلا زى جهينة ميكس كل حاجة والعكس كره مع حب احترام مع احتقار شفقة مع تشفى فى بعض العقاب رغبة فى رحمته وانزال العذاب بيه وعلى فترات المشاعر بتتبدل بحاول أنمى علاقتى بفهمى له من كل النواحى والمجالات ولسه بحاول !!! ، وعشان كده اخترت كتاب لنجيب محفوظ " أصداء السيرة الذاتية " وهو إحدى روائع محفوظ وإحدى ساعات التجلى الرائعة اللى أبدع فيها ، والحقيقة إن محفوظ فيه أبدع فى الكتابة عن الذات والذكريات وسبر أغوار ماضى جلس يسترجعه فى أواخر حياته ؛ إنه نوع من الخمر الحلال الذى أعطاه كل تلك النشوة ليُخرج لنا تلك المقطوعات العميقة ،،،، مختلفين حول ما هو محور تلك القصص والمقتطفات ولكنى أقول رأيى الشخصى  هى مجرد استرجاع لنفسه ولمواقف كان فيها عنصر فاعل إما مؤثر أو مُتاثر ،، والخلاصة أن تلك الأوراق ربما تكون صديقتك وتغار وتحاول أن تقلدها كما أحاول وافشل ولكنى لا زلت أحاول !!

استوقفتنى بعض المقطوعات الغريبة المعنى ووهبت لنفسى حرية التخيل فى التفسير ، رحمة الله عليك يا نجيب هل كنت تقصد أن أُسقط وأترجم كل هذه الحكايات  على نفسى !!!

فى إحدى مقطوعاته التى أشعر أنه بدأها بنفس عميق وكأنى أتخيله بالفعل وهو يهم أن يكبتها :

" جلس عمنا نجيب أمام شرفة منزله ويده لا تزال تُمسك بفنجان الشاى ساعة المغربية وصوت ما بعقله أثاره صوت هؤلاء الأطفال المارين بصخب استدعى تلك الذكرى من رأسه ورفع رأسه لابنته وهو يقول 

" فى عهد الصبا والصبر القليل نشبت خصومة بينى وبين صديق ، اكتسح طوفان الغضب المودة فدعانى مُتحدياً إلى معركة فى الخلاء حيث لا يوجد من يخلص بيننا ، ذهبنا متحفزين وسرعان ما اشتبكنا فى معركة ضارية حتى سقطنا من الإعياء وجراحنا تنزف بغزارة. وكان لابد أن نرجع إلى المدينة قبل هبوط الظلام. ولم يتيسر لنا ذلك دون تعاون متبادل، لزم أن نتعاون لتدليك الكدمات ولزم أن نتعاون على السير. وفى أثناء الخطو المتعثر صفت القلوب ولعب البسمات فوق الشفاه المتورمة ،،، ثم لاح الغفران فى الأفق " وأنهى حديثه بنفس عميق وكأنه يتأسف على الجزء الثانى من الحكاية ( التصالح ) وقال ليته يحدث .. ليته يحدث _ الآن_ !!! ، وقاطع تلك المخيلة التى استحضرت الموقف كاملاً ظهور الخبر الغريب  استوقفنى الخبر لأتأكد من صحته ولكنه للأسف أثبت صحته وبجدارة ،، وأفقت من شجار انتهى بتصالح على شجار انتهى بخراب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله !!



الصورة من مصدر يمنى