الاثنين، 4 فبراير 2013

فوروا يرحمكم الله

تعليقا على ما يحدث فى مصر ورجوعا بالذاكرة لهذا التاريخ ... وفيه كتبت مجرد رأى شخصى لا أكثر ولا أقل 




كثيرُ منا ينظر إلى ما يحدث بالبدان العربية على أنها الثورة الكبرى أو إنها انتفاضة الحق المبين التى سيزول معها الباطل ليظهر الحق جلياً قولاً وفعلاً وسلوكاً. إن كنت تظن هذا فأنت مخطئاً كل الخطأ وبحاجة إلى النظر جيداً إلى تلك الأحداث وما سبقها، ثم عليك إعمال عقلك لترى بعين الحق ما سيحدث، ولا أدعى علم الغيب بل أرى المعطيات وبالمنطق أستخرج المطلوب.
المتتبع لأحوال الدولة المصرية منذ عقود يستطيع أن يقول وبكل ثقة أن الدولة كانت بحاجة إلى حادثة كبرى أو معجزة عظيمة تحدث فيها لتزول معها تلك السحابة السوداء التى غطت سمائها الصافية وتراكمت على قلوب شعبها الذى اختلف فى وصفه الواصفون واحتار فى أمره المؤرخون، هل هو فلعلاً مغلوب على أمره أم أنه يستحق ما به والجزاء من جنس العمل ، ومن باب هذا زرعك وهذا حصادك يستخلص البعض أنها نتيجة طبيعية لكل ما شهدته الدولة من أحداث وتوالى فى الظلم وتتابع القهر الذى أطبق على صدور الخلق حتى بدا وكأنه أمراً مقبولاً بل إن عدم تواجده هو علامة الاستفهام التى تحتاج للوقوف أمامها.
كثيرُ فرح وهلل بما حدث من الإطاحة بذلك الديكتاتور المستبد وظن أنه نهاية المطاف وأن تلك هى الحائط المنيع الذى تم هدمه وبيننا وبين دخول الجنة الموعودة لا شئ وعما قليلُ سنغوص فى بحور الحرية والعدالة لننهل منها ما نشاء. إن الأمر يبدو وكأنه النهاية للبعض والقليل يرى أنه البداية والحكماء لهم رأى آخر، أنه لبنة فى سور ضخم استعلى بانوه على الخلق وما كان الديكتاتور سوى لبنة ضعيفة فيه وسهل هدمها ولكن تلك النفوس الضعيفة هى من خاف وتردد وأخر الأمر كله إلى أن شاء الله.
نطوف سريعاً فى تلك السنوات الخالية على عروش أصحابها لنرى ما كان بها وسوف نختصر الأمر إلى حد الشح فى التعبير لكيلا نمل وحتى لا نحيد عن الموضوع .
إننى أتذكر ذلك الشاب المسكين الذى حاول أن يتقلد أحد المناصب ولكن لسوء حظه وقدره أنه تواجد هنا وفى ذلك الزمان فإذ به يُقتل بلا ذنب سوى ذلك الطفل الذى وُلد بعقله وقلبه وسماه حلم ولم يكن يعلم أنها ستكون السكين الذى سيقتل بها ويُجتث كالغرسة من الأرض ليلقى بين الأموات، ولن أنسى تلك المسكينة التى تبلدت مشاعرها وتحولت إلى قاتلة بسبب موت فلذة كبدها لغلو سعر الدواء واستحالة علاجها وماتت آلاف المرات وهى ترى قطعة منها تموت بين ناظريها وها هى الآن فقدت عقلها ومشاعرها وتجوب الشواره بحثا عن حبها وحلمها الضائع والذى دُفن بين الثرى، وسأعود بكم قليلاً لذاك الرجل الذى صادفته مرةً وأنا فى إحدى المصالح الحكومية وهو يدفع كم هائل من المال من أجل الحصول على تراخيص مزورة لتشييد بناءٍ آخر مخالف للقوانين الموضوعة والجميع يرحب به ويضعونه بمكانة صورها لهم شيطانهم أنه أهلاً لها وعما قليل ليصبحن نادمين ولكن اختلفت الآية ولم يندم لا هو ولا هؤلاء بل ندم أولئك الذى تهدمت الحياة فوق رؤسهم وأصبحت أحلامهم فى مسكن بسيط قبوراً لهم ، ولن أخجل وأنا أردد تلك الكلمات التى سمعتها بنفسى حين كانت تراودنى بعض الأحلام الكبيرة إلى حدٍ ما حين كانت الشرذمة أعوان إبليس يرددون حولى " عيش عيشة أهلك " ألا لعنة الله على الظالمين الذين يقتلون أحلام الخلق فى رؤسهم ويجعلون منها كابوساً لأصحابها. ويلً لقائل تلك الكلمة ألم يدر كم قتلت، ألم ير كيف أودت بسامعها إلى مصاف الموتى المتحركين فى الحياة.
أنا لم أكن ضد النظام الحاكم بل كنت ضد الشعب، ذلك هو المشكلة إنه صانع الظلم وصانه الهالة التى أحاط بها النظام نفسه حين رأى فعلنا بأنفسنا ما نفعل فكيف به وهو فى مكانه هذا. إن ما فعله الشعب المصرى بنفسه لهو أكثر جرماً مما فعله النظام ورؤسه بهم. تراك تعد كم ظالماً انحنى ليقبل قد رئيسه وليطيح بهذه الحنية بمئات الناس . عدوا كم مريضٍ رأى الناس حوله الموت ينهشه وهم كالشياطين أعداء للإنسانية لا ترق لهم قلوب ولا عقول تتذكر تلك الصفة التى تربطهم .
ليس الذنب ذنب النظان وذنب الدولة ، بل ذنبكم أيها الشعب يا من قست قلوبكم كالحجارة أو اشد قسوة بل كما وصف ربى " إن من الحجارة لما تتشقق منها الأنهار" . اين كنتم لن اقول فى النهى عن المنكر بداخلكم بل فى ترقيق قلوبكم وثنيها عما بها من همزات شيطانية تجاه الآخر .
إن الشعب المصرى اكتسب فى السنوات الأخيرة المبدأ القائل بأن " الجحيم هو الآخر " فعاث فى غيره ظلماً وبهتاناً وأكلاً لحقوقهم وأصبحت المعركة معركة بقاء وليست معركة تعايش، لقدر خرج المصريون من دائرة النفسى والحفاظ عليها وهى أدنى مرتبة فى الأنانية إلى دائرة تدمير الآخر للحفاظ على البقاء. انظر بنفسك وتذكر كم من مسئول دمر حياتك، كم من رئيس فى تعليمك أو عملك كان ينظر لك على أنك سالبُ لحقه وآت لأخذ مكانه فضرب بكل ما أوتى من قوى حتى قضى عليك، انظر وأجبنى كم قريب لك أو تعرفه أكل مال أقاربه وظلمهم بغير حق، قل لى كم مرة خدعت فيها غيرك باسم الحق وكان باظنك النفاق وتدمير الآخر، أجبنى كم مرة نظرت بعين الله إلى الخلق . أكاد أختنق والحروف تتبعثر وتنزل كالينبوع على تلك الورقة التى أكتب بها للتنافس فى التواجد أمام أعينكم .
إن حصر الباطل الذى انتشر فى البلاد لهو أمر سهلُ جداً، فقط أغمض عينيك وتذكر ، وسواء الأمر لك أو عليك فهو باطلُ.
إن الثورة التى قامت بمصر وغيرها من البلدان العربية لهى أمر جميل ولكن الأجمل تلك الثورة التى تحتاجها نفوسنا لنهدم بها ذلك الوثن الذى استوطن بنا واستعبدنا واستعلى بنا على خلق الله وأنسانا أنفسنا . إننا بحاجة إلى ثوران وفوران لنا جميعا لتغلى معها نفوسنا وليخرج ذلك الباطل والشر المتراكم داخلنا ليحل معه نقاء بنى آدم الذى أوعده الله فينا بالفطرة، ولنعود كما خلقنا لا شئ يمنعنا من حب الآخر ولتتحول قضيتنا إلى قضية تعايش وإبقاء لا بقاء،إن الرئيس القاد لن يكون ساحراً ولن يغير الواقع الذى أنشأناه وتراكم بنا لا حولنا. إن العاقل الآن يرى أن الظلم والباطل الموجود والفساد داخلنا لا يوجد بأماكن بعينها فهو مرتبط وساكن لبنى آدم فى تلك البلاد وعلينا أن نقاومه بتلك الحالة التى أطالب بها كلُ فى مكانه.
يأيها الشعب الثائر إن للحق شروط وقواعد لا يظر إلا بها فأكمل المعادلة لتحصل على النتيجة المطلوبة .. ثر على ما بداخلك من شر وحب للسطوة والمال والحياة واعلم أنها لو دامت لغيرك ما وصلت إليك وأن ذلك التراب الذى تسير فوقه كانوا قوماً أعظم منك . تواضع لله وتواضع لخلق الله يرفعك الله. يا كل صاحب منصب اتق الله فى نفسك فالناس سواء وما لك عليهم من فضل إن الفضل إلا لله. يا كل صاحب عمل وتحت إمرته خلق آخرون .. اتق الله اتق الله اتق الله ، فوالله ستحاسب على كل كلمة وكل فعل يخرج منك لهم، ويا كل شاب يتلاعب بفتاة أو العكس تغير يغيرك الله واستعفف يعفك الله ، يا كل مظلوم ارفع يديك لأعلى وقل يا الله ولا يحملنك فعل هذا على الرضوخ بل ارفع صوتك وناد بحقك فالله معك وسيسخر لك من يعيد إليك حقك .
لا أجد خيرا من قول الله تعالى فى سورة هود " فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله " لأختم به مقالى ...
اللهم أصلحنى وأصلحكم

هناك 5 تعليقات :

  1. ودا اللى كنت بقوله والله .. الشعب هو صانع الديكتاتور
    الصمت أكبر جريمه ارتكبها الشعب المصري في حق نفسه .. ودلوقتى لما عرفو طريقه الكلام اندفعوا .. كله بيتكلم كلام مالوش معنى وفي اى اتجاه
    الشعب دا مش هايتعدل دلوقتى .. قدامك فترة زمنيه لن تقل عن 10 سنين علشان يكون في تغيير ملاحظ في الشعب المصري نفسه

    ردحذف
    الردود
    1. صحيح والله يا محمد احنا حالة تراكم مش سهل تنصلح علطول

      حذف

هذا ما كان منى، فاللهم اغفر لى ما أخطأت فيه