الأحد، 15 يوليو 2012

ولله الحمد وصل سعر الإنسان فى مصر لقيمة 250 جنية فقط لاغير

طبعا اللى متابع كويس هيعرف إنى كنت عاطل ولله الحمد ربنا رزقنى من فترة بشغلانة فى أحد المدن السياحية بمصر، وجئت وأنا كلى أمل وكلى تفاؤل لحياة جديدة، وخصوصا إنى وبلا فخر اشتغلت بواسطة، وطبعا الاعتراف بالحق مش عيب، ولولا الواسطة مكنتش اشتغلت، وده أمر طبيعى فى دولة تحترم آدمية الإنسان وتُحافظ عليه كمصر. المهم وصلت وبدأت الحياة لذيذة بمقابلة المدير المباشر لى واللى بجد أشهد له إنه علمنى كتير، ولكن كنا على موعد مع شخص اخر يعمل معنا فى نفس الشركة ولكن من نوعية السلفيومصلحتى، ولن أبالغ إن قلت ارتدى الذقن ليدخل من باب خفى، وطبعا مش عارف ليه الشغل فى مصر مش نافع يمشى عادى مش نافع يبقى امر سلس طالما الشغل ماشى وكويس 100% لازم نذل فى بعض ونعمل مؤامرات على بعض ونوقع بعض، ثقافة وعقلية الآخر هو الجحيم وهو آكل لقمة عيشى وهو اللى هيقطع رزقى مستوطنة بداخل سواد عظيم من الشعب المصرى، المهم مرت الأيام بليونة من المدير الأول ومحاولة لتكريهى فى العمل من أبو ذقن، ولكن مرت الايام.......


خلال الأيام دى طبعا أنا محاسب تشغيل معدات وسيارات ومن الطبيعى التعامل مع طبقة السائقين والميكانيكية وما شابه، وبحكم انى جديد فكنت بكتفى بالمتابعة النظرية ومحاولة التقرب للجميع بما يحفظ وقارى لكى احافظ على ايقاع سير العمل .
تعرفت فى الفترة دى على الميكانيكى محمد واللى اشهد له بمعرفتى به بحسن خلقة وكفائته واجادته لعمله بطريقة ممتازة، ولهذا كنت اعامله كأخ ليس أقل من هذا. ومرت الأيام واقترب موعد أول اجازة سوف أنزلها لبلدتى وفى تلك الفترة شحت السيولة النقدية بالشركة بصورة غير طبيعية، وكان موعد نزول الأخ محمد الميكانيكى لاجازة ايضا، وكان دائما كلما قابلنى يسئلنى هه يا استاذ احمد فى فلوس عشان انزل ولا لا؟ اقوله اصبر متستعجلش مين عارف بكرة فى ايه، اصبر بس عشان خاطرى، واكتر من مرة أثنيه عن النزول بدون اجر او النزول وترك العمل، ولكنه القدر المحتوم الذى يسير علينا ونحن لا نعلم، قرر النزول قبل بحوالى خمسة ايام وخلال تلك الفترة شبه يومى او ربما اكثر من مرة باليوم اتصالات بيننا وتضاحك وسؤال عن الفلوس ولازم ارسل له حوالة بها لانه اشترى قطع غيار للشركة ولازم ابعت له ثمنها، اتذكر اخر يوم لى قبل ان انزل اجازة كلمنى قبل الظهر وهو محرج من اهل خطيبته لانه كان مفروض يشترى الشبكة لخطيبته فى الفترة دى، ولكن انا لم يكن بيدى شئ فاعتذرت له عن اسباب لا املكها، ولا دخل لى بها وتفهم الامر وطلبت منه الا يزعل منى .
نزلت إجازتى، ومرت سريعة جدا بشكل يفوق الوصف، وعدت وأنا أشعر باحتمال تغير الوضع وتحوله للأحسن، بتغير ابو ذقن، وتوفر السيولة فى الشركة، وفعلا عدت وفى أول دخول لى الشركة بأول يوم صباحا سلمت على الموجودين جميعهم، وقابلنى مديرى المباشر الذى كفلنى بتعليمه لى الشغل من الفه إلى يائه، وقابلنى بحفاوة ولكنه ما لبث أن طعننى بخنجر حين أخبرنى بوفاة الميكانيكى محمد فى حادثة من يومين.!
لم أصدق الخبر كيف هذا، هل الموت قريب لهذه الدرجة، هل ينتقى أفضل الناس حولنا، كيف هذا .... ذهول أصابنى لأيام متوالية لم أفق منه إلا بعد أن ذكرت الله وعرفت ان لكل أجل كتاب وآمنت بالواقع ورضيت به.
هذا كله فى كفة وما حدث بعد مرور أسبوع فى كفة أخرى، فعرفت من أحدهم ان أحد اقارب محمد جاء لاستلام حاجاته ملابسه الباقية هنا وسيرى ان كان عليه دين او له باقى حساب ليأخذه، المهم كنا حضور انا والاثنين الاخرين فى المكتب، ودخلوا علينا وطبعا عزيناهم بحرقة لاننا كلنا متأثرين باللى حصل.....
ولكن المفاجأة قبل ما يوصلوا بدقايق كان الاخران اللى معى فى الشغل بيشوفوا هو محمد كان له حساب كام عندنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
واخدين بالكم كان ليه كام؟ مش مثلا تعويض محترم لأن الشاب ميت وهو على ذمة العمل الخاص؟ أو مثلا صاحب الشغل عرف فرفض انه يعطيهم حاجة وقال مثلا لا افضل تعويض هو انه والدته ووالدته يطلعوا يعملوا عمرة فى رمضان لكى يتصبروا على ما حدث، مجرد مشاركة وجدانية !!!!!!!!!!!!!! طبعا ده كلامى انا واللى كان نفسى اعمله !!!!!!!!!1
بس اللى حصل كان شئ تانى خالص ان الامدير الاول اللى معايا اكتشف انه له تقريبا 600 جنية مصرى فقال شكلها وحش نخليهم الف جنية ........ ياربى ......... نخليهم والف جنية، دخل مكتب معنا فى الشركة كان محمد يعمل على معداتهم واخذ 200 جنية وجه طلب منى وصل وعمل حافز فورى للمرحوم محمد ب 200 جنية مكافأة عن اجادته فى الشهر اللى توفى فيه، لا حول ولا قوة الا بالله.. طبعا كل ده بيحصل قدامى وانا مكسوف من نفسى وعمال اضرب كف بكف واقول ياربى هى قيمة الانسان بقت كده 200 جنية سلف و200 جنية تعويض عن اجادته فى حياته، المهم المبلغ وصل الف جنية وجم الناس عشان يستلموه بس هل استلموه لا طبعا الشركة الموقرة اكتشفت انه المبلغ لازم يتسلم لابوه او اخوه مينفعش الناس تسيب مبلغ زى ده بره كده لازم يجوا ويسيبوهم من الحزن ووجع الدماغ عشان يورثوا اخر ما ترك ابنهم وفقيدهم،
هذا هو حال قطاع العمل فى مصر قطاع الأجير قطاع الأشخاص الذين ينزفون دم الناس باسم العمل ليكونوا الثروات، هذا هو رأس مال محمد الميكانيكى رحمة الله عليه، 200 جنية .. تم تقدير مجهوده ب 200 جنية ولله الحمد ويارب يكونوا وصلوا لانى مش متأكد اذا كانوا وصلوا ولا لا... وهل لو وصلوا هل هيرضوا ابوه وامه ولا لا... وهل محمد لو كان عايش كان هيبص لنفسه ازاى وهيقول عن نفسه ايه .... كل اللى اقدر اقوله حسبى الله ونعم الوكيل 
العيب الأكبر لصمت الأخيار هو أنهم بصمتهم سيقعون فريسة لتحكم الأشرار 

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

هذا ما كان منى، فاللهم اغفر لى ما أخطأت فيه